في 27 يناير 1927 أُعلن قيام مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، وملكها "عبد
العزيز بن عبد الرحمن آل سعود"، ولديها عاصمتان هما مكة والرياض، وذلك قبل
تغيير اسم المملكة عام 1932 إلى المملكة العربية السعودية وعاصمتها الرياض.
فكيف تطورت السعودية حتى وصلت إلى اسمها وشكلها الحاليين؟
اتفق
جمهور المؤرخين على تقسيم تاريخ آل سعود إلى ثلاث فترات: فترة التكوين
والتأسيس باسم "الدولة السعودية الأولى"، ثم "الدولة السعودية الثانية"،
و"الدولة السعودية الثالثة" التي امتدت حتى عام 1932 عندما تم إعلان قيام
المملكة العربية السعودية بحدودها الراهنة.
وفي تطور المملكة حتى
وصولها إلى شكلها واسمها الحاليين سنعود إلى ثلاثة مراجع رئيسية، هي
الجزءان الأول والثاني من كتاب "عنوان المجد في تاريخ نجد" لعثمان بن عبد
الله بن بشر، وكتاب "أمة في رجل" لعبد الله بن عبد المحسن التركي.
آل سعود والدعوة السلفية
في
القرن الخامس عشر الميلادي جاء "مانع بن ربيعة المريدي"، جد آل سعود،
بأسرته من مكان قرب القطيف إلى وادي حنيفة، حيث منازل قبيلته، وهي إحدى
قبائل ربيعة القديمة في المنطقة، وكانت تحكم حواضر المنطقة الواقعة على
ضفاف وادي حنيفة.
ويستمد آل سعود تسميتهم من اسم جدهم "سعود بن محمد
بن مقرن". وعندما تولى الإمارة "مقرن بن مرخان" اختار الدرعية مقراً
لإمارته في عام 1682.
وصودف خلال حكم "محمد بن سعود" ظهور مصلح ديني
ولد في إمارة العيينة بنجد هو "محمد بن عبد الوهاب"، وكان قد عقد العزم على
محاربة البدع وتبعه الكثيرون. ولكن أمير العيينة "عثمان بن حمد بن عمر"
انقلب عليه فخرج إلى الدرعية حيث استقبله أميرها فتحالفا وتعاهدا عام 1745.
الدولة السعودية الأولى (1744-1818)
حملت
اسم إمارة الدرعية، وحمل حكامها لقبي الأمير والإمام، وكانت عاصمتها
الدرعية. وتوالى على حكمها "محمد بن سعود" (1744-1765)، و"عبد العزيز بن
محمد بن سعود" (1765- 1803)، و"سعود بن عبد العزيز" (1803- 1814)، و"عبد
الله بن سعود" (1814- 1818).
أقوال جاهزة
شاركغردبدأت حكاية الدولة السعودية الأولى مع تحالف محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب... تعرفوا على تاريخ نشأتها
شاركغردمن قيام الدولة السعودية الأولى إلى قيام المملكة السعودية بحدودها الراهنة.. تاريخ من الصراعات والحروب
بدأت
حكاية الدولة السعودية الأولى مع تحالف محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب.
نجح آل سعود في توحيد نجد بعد سنوات طويلة من الحروب المريرة، وسقطت
الإمارات المناوئة لهم تباعاً مثل العيينة والرياض والخرج والقصيم، وساعد
على ذلك انتشار أفكار ابن عبد الوهاب.
وبعد نجاح آل سعود في توحيد
نجد وجهوا جهودهم إلى منطقة الإحساء، وفشل أمراؤها من بني خالد في التصدي
لهم، فدخلوا في طاعتهم، ولكنهم بعثوا إلى سليمان باشا وإلى العراق يستنجدون
به، فأقام ثلاث حملات ضد آل سعود فهزموها ليبسطوا سيطرتهم وتخضع لهم
المنطقة الشرقية بالكامل.
في عام 1792 نجح السعوديون في ضم قطر، ثم
حاولوا ضم البحرين وحال دون ذلك دعم حكام مسقط لحكام البحرين، كما لم
ينجحوا في ضم الكويت عام 1804 بسبب الدعم البريطاني، وكان البريطانيون قد
نقلوا مقر شركة الهند الشرقية من البصرة إلى الكويت آنذاك بسبب خلافاتهم مع
السلطات العثمانية في العراق.
وفي عام 1803 نجح آل سعود في بسط
نفوذهم على الحجاز الذي كان خاضعاً لحكم شريف مكة "غالب بن مساعد" الموالي
للعثمانيين، كما وصلت حملاتهم إلى اليمن وعسير وتهامة ونجران.
وفي
تلك الفترة بدأ الصدام مع إمارة مسقط، ونجح السعوديون في إنزال الهزيمة
بجيوشها في موقعة خورفكان مما أدى إلى خضوع أقاليم عمان للسعوديين حتى عام
1813.
وهكذا أصبحت الدولة السعودية تضم نجد والحجاز وإمارات الخليج وعسير وحضرموت وتمتد من حوران في بلاد الشام حتى أطراف بغداد.
وقد أثار ذلك الدولة العثمانية، فحاولت القضاء على الدولة السعودية الأولى عن طريق محمد علي باشا والي مصر، ونجحت المهمة عام 1818.
الدولة السعودية الثانية (1818-1891)
حملت اسم إمارة نجد، وحمل حكامها لقبي أمير وإمام، وكانت عاصمتها الرياض.
بدأت
حكاية الدولة السعودية الثانية عقب انهيار الأولى. ففي عام 1820 غادر
الأمير "تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود" الرياض، وكان أميراً عليها منذ
عام 1818، وبدأ في الإعداد لبناء الدولة السعودية من جديد على الأسس نفسها
التي قامت عليها الدولة السعودية الأولى، ليبدأ حكمه سنة 1824 عقب استسلام
الحامية المصرية بالرياض، التي اتخذها عاصمة لدولته.
وفي عام 1834
اغتيل "تركي بن عبد الله" وخلفه "فيصل بن تركي" الذي بدأت فترة حكمه الأولى
عام 1834. وفي عام 1836 وجه محمد على باشا حملة جـديدة دخلت الرياض دون
قتال بعد انسحاب فيصل، وتولى "خالد بن سعود" الحكم، وتمكن بمساعدة القوات
المصرية من فرض سيطرته.
واستمرت المناوشات بين القوات السعودية وقوات
محمد علي التي اشتبكت مع قوات فيصل في الدلم، وانتصرت قوات محمد علي وأسر
فيصل وأرسل إلى مصر، وانتهت بذلك فترة حكم فيصل الأولى في عام 1838.
هل تعرفون أنه في بدايات نشأة السعودية، حاول السعوديون ضم قطر والبحرين والكويت إلى أراضيهم
وفي عام 1840 وبموجب معاهدة لندن سحب محمد علي قواته من الجزيرة العربية،
فلم يتمكن "خالد بن سعود" من السيطرة على مقاليد الأمور، واستطاع "عبد
الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن" الإمساك بزمام
الأمور في الرياض، واستمر في منصبه حتى عام 1843 وهو العام الذي تمكن فيه
"فيصل بن تركي" من الهروب من سجنه في مصر. وبدخول فيصل إلى الرياض عام 1843
بدأ فترة حكمه الثانية.
في 11 ديسمبر عام 1865 توفي فيصل بن تركي
وعصفت الفتن الداخلية والمؤامرات الخارجية بالبلاد، واستغل "محمد بن عبد
الله بن رشيد" أمير حائل هذه الظروف وبدأ يخطط للاستيلاء على الرياض وسار
بجيشه ليحقق هذا الغرض، فقاد عبد الرحمن بن فيصل قواته متجهاً نحو القصيم،
ولكنه علم بهزيمة أهلها في معركة المليداء عام 1890، فعاد إلى الرياض حيث
خرج بأسرته إلى المنطقة الشرقية.
ثم عاد إلى الرياض بعد أن كوّن
جيشاً من أنصاره خرج به إلى المحمل ليصد زحف ابن رشيد، فالتقى الجيشان قرب
حريملاء في سبتمبر عام 1891 فهزم جيش عبد الرحمن، وواصل ابن رشيد زحفه على
الرياض وأمر بهدم سورها وقصري حكامها القديم والجديد، وبذلك انتهى عصر
الدولة السعودية الثانية.
أما عبد الرحمن فبعد هزيمته لحق بأسرته في
منطقة الأحساء ثم اتجه إلى قطر، وكاتب الدولة العثمانية طالبا منها الإذن
له بالإقامة في الكويت فوافقت، فسار إلى الكويت بأسرته عام 1892.
أكمل القراءة
الدولة السعودية الثالثة (1902-1932)
حملت
اسم إمارة نجد والإحساء حتى عام 1921، ثم اسم سلطنة نجد حتى عام 1922، ثم
سلطنة نجد وملحقاتها حتى عام 1926 عندما حملت اسم مملكة الحجاز وسلطنة نجد
وملحقاتها، وبعد عام تغير الاسم إلى مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها حتى عام
1932 ليتم إعلان قيام المملكة العربية السعودية بحدودها الراهنة.
© متوفر بواسطة Levant Laboratories
Intext-وثيقة
وقد حمل حاكمها "عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود" ألقاب أمير نجد
والإحساء، وسلطان نجد، ثم سلطان نجد وملحقاتها، وملك الحجاز وسلطان نجد
وملحقاتها، وملك الحجاز ونجد وملحقاتها، قبل أن يصبح أول حاكم سعودي يحمل
لقب ملك المملكة العربية السعودية. وكانت الرياض هي العاصمة طوال تلك
الفترة.
وبدأت حكاية الدولة السعودية الثالثة بخروج الأمير "عبد
العزيز بن عبد الرحمن آل سعود" على رأس حملة صغيرة من ستين رجلاً من أقاربه
وأنصاره صوب الرياض لينجح في السيطرة عليها، فبايعه أهلها في 15 يناير
1902.
وفي سبتمبر 1904 انتصر آل سعود في موقعة الشنانة الحاسمة على
القوات الرشيدية ليتمكن عبد العزيز آل سعود من بسط سلطته في نجد. وتعد
موقعة الشنانة بداية النهاية للوجود العسكري العثماني في نجد، كما تعد
بداية النهاية للإمارة الرشيدية، إذ بعدها امتدت الدولة السعودية الثالثة
لتشمل كل بلدان القصيم، وتراجعت قوات ابن رشيد باتجاه جبل شمر. وبعد أن
عصفت الخلافات الداخلية بآل رشيد دخل آل سعود حائل في سبتمبر عام 1921.
كما
سعى عبد العزيز لتوحيد نجد والإحساء اللتين كان العثمانيون قد سيطروا
عليهما في عهد ولاية مدحت باشا على العراق عام 1871، وذلك بهدف أن يكون
لدولته منفذ بحري يسهم في إنعاش اقتصاد البلاد.
فزحف عبد العزيز بقواته صوب الإحساء، فقاوم الجند العثماني مقاومة محدودة لكنهم شعروا بعدم جدواها، فاستسلموا عام 1913.
أما
عسير فضمتها حملة سعودية أرسلها الملك عبد العزيز تحت قيادة ابنه الأمير
فيصل عام 1921. وكانت عسير قسمين سياسيين: الشمالي منهما تحت إمرة آل عائض
وقاعدته أبها، والجنوبي تحت إمرة الأدارسة وقاعدته جازان.
وفي ما
يتعلق بالحجاز، كانت العلاقة بين عبد العزيز آل سعود والشريف حسين بن علي
متوترة أثناء الحرب العالمية الأولى، وبعدها بسبب حوادث النزاع حول ترسيم
الحدود بين نجد والحجاز، وساءت الأمور كثيراً بسبب ثورة الشريف على
العثمانيين وتطلعاته الرامية إلى زعامة العالم العربي، ومنعه النجديين من
الحج، ودعمه لخصوم ابن سعود. فشنّ الجيش السعودي هجوماً على قوات الشريف
حسين في الطائف ودخلها، ثم دخل مكة عام 1924 ليتوالى سقوط مدن الحجاز إلا
جدة التي تحصن بها ملك الحجاز علي بن الحسين، ولم تستسلم إلا بعد عام كامل
من حصار آل سعود، في 17 ديسمبر عام 1925.
الصراع على حدود المملكة
لم
يمرّ تثبيت حدود المملكة العربية السعودية بسلاسة، فقد طالب جزء من أتباع
الحركة الوهابية بمدّ السلطة السعودية إلى أماكن أخرى، ما جعلهم يتصادمون
مع السلطة السياسية ممثلةً بالأسرة السعودية الحاكمة وبالبريطانيين.
ويتحدث
محمد جلال كشك في كتابه "السعوديون والحل الإسلامي" عن حركة إخوان طاعة
الله، وهم بدو رحل اعتنقوا الأفكار الوهابية وتحولوا إلى محاربين في جيوش
عبد العزيز آل سعود، فيقول إنهم شكلوا لوناً من جيوش التحرير والجهاد.
وأوضح
كشك أنه بعد ضم الحجاز وقع الخلاف بين الإخوان والملك عبد العزيز إذ اختار
الإخوان مواصلة الثورة بينما اختار عبد العزيز بناء الدولة. فقد اعترف عبد
العزيز تحت الضغط البريطاني بحدود العراق والكويت وعدن وهو ما كان يعارضه
الإخوان.
وأشار إلى أن تحدّي الإخوان ظهر عقب ضم الحجاز إذ اعتبروا
أبسط الطقوس مظهراً من مظاهر الوثنية، وقد اضطر آل سعود أكثر من مرة إلى
منعهم من التعبير عن سخطهم على أهل مكة.
وكان الإخوان من أتباع فيصل
الدويش وسلطان بن بجاد وضيدان بن حثلين قد أعلنوا الحرب على كل منتجات
الحضارة في حين كان عبد العزيز إصلاحياً يسعى للاستعانة بمنجزات العصر
للنهوض بدولته.
وبدأ الصدام مع الإخوان عقب رفضهم أوامر عبد العزيز
بوقف الهجمات على بادية العراق والكويت ومهاجمتهم للقوافل النجدية. ووقع
صدام بين الطرفين في الزلفى في مارس 1929 فهزم الإخوان وانسحبوا إلى الكويت
حيث استسلموا للقوات البريطانية.
وأشار كشك إلى أسباب انهيار
الإخوان بقوله: "أراد الإنجليز هذه الأزمة وساعدوا على انفجارها ولما تمكن
عبد العزيز من سحق التمرد عادت قواعد الإخوان لطاعة الملك".